هل تضاعف السيئات في العشر من ذي الحجة
هل تضاعف السيئات في العشر من ذي الحجة

ذي الحجة


هل الذنوب تتضاعف في عشر ذي الحجة سؤالٌ مهمٌّ لكلّ مسلم ومسلمة، وعلى كل شخص أن يعرف جوابه، لما في أيّام العشر من ذي الحجة من ميّزات وخصائص ميّزها الله بها، ولما فيها من الفضل والأجر والبركة، التي ينبغي على كلّ مسلم أن يستغلّها وينهل منها، فأيّام العشر من ذي الحجّة من أفضل الأيّام وأجلّها وأعظمها على  الإطلاق، وقد جعلها الله -سبحانه وتعالى- موسماً للعبادة ، لذلك سيقوم  بالإجابة على سؤال هل الذنوب تتضاعف في عشر ذي الحجة.

هل الذنوب تتضاعف في عشر ذي الحجة

أما عن الذّنوب تتضاعف في عشر ذي الحجة هي أنّ كلّ سيّئةٍ يقترفها العبد تُكتب سيّئةً من غير مضاعفة لكنّها تعظم بسبب شرف الزّمان، قال تعالى في كتابه الحكيم: {وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ}.

 فإنّ الله -سبحانه وتعالى- لا يظلم أحداً من خلقه ولا يُضاعف السّيّئات التي يرتكبونها، لكن السّيّئة قد تعظم لعظمة المكان أو الزّمان، فتصبح أشدّ حرماناً في الأشهر الحرم، والتي هي ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب، وقد ورد في الحديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنّه أخبر بها فيما رواه أبو بكرة نفيع بن الحارث حين قال: “إنَّ الزَّمانَ قَدِ اسْتَدارَ كَهَيْئَتِهِ يَومَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَواتِ والأرْضَ، السَّنَةُ اثْنا عَشَرَ شَهْرًا، مِنْها أرْبَعَةٌ حُرُمٌ، ثَلاثَةٌ مُتَوالِياتٌ: ذُو القَعْدَةِ، وذُو الحِجَّةِ، والْمُحَرَّمُ، ورَجَبٌ شَهْرُ مُضَرَ الذي بيْنَ جُمادَى وشَعْبانَ”.

فهذه الأشهر الحرم التي أمر الله بها المسلمين بأن لا يظلموا أنفسهم بها، وأهمّ هذه الأيّام هي عشر ذي الحجّة وهي الأولى بأن لا يظلم المسلم نفسه فيها، وأن يبتعد عن السّيّئات وييجتنب المنكرات، ففيها الحرمة للمعاصي والسّيئات أشد من غيرها، وفيها تغلظ الآثام، والظّلم فيها أغلظ وأعظم من الظّلم و في سواها، ولو كان الظلم عظيماً بكلّ أحواله، فزيادة الحرمة للذّنوب كما ورد عن أهل العلم يزيد بها العقاب لمن ارتكبها ويضاعف الله العقاب بالعمل السّيء، ولذلك على المسلم أن يبتعد عن معصية الله ويشغل نفسه بذكره وعبادته والإكثار من صالح الأعمال حتذى يفوز بمرضاة الله وجنّته.

متى تتضاعف الذنوب

بعد الاطّلاع على جواب السؤال هل الذنوب تتضاعف في عشر ذي الحجة، ينبغي للمسلم أن يعرف متى تتضاعف الذّنوب بشكلٍ عام، لكن من المشروع للمسلم أن يجاهد نفسه في كلّ زمانٍ ومكان للإبتعاد عن الذّنوب والمعاصي، وأن يُجاهد ضد الشذيطان ووسوساته، وأن يُكثر من  التّوبة والاستغفار، وليعلم أنّ الذّنوب تختلف من وقتٍ لآخر ومن حينٍ لحين ومن مكانٍ لمكان، فالسّيذئة تعظم كلّما زاد شرف المكان والزّمان والمُرتكب للذّنب والخطيئة، فالذّنبّ يكون أشدّ إثماً وأعظم تحريماً في الأشهر والأوقات المباركة كشهر رمضان والأشهر الحرم وعشر ذي الحجة وذلك لحرمة الزّمان، وكذلك في الأماكن المقدّسة كالمسجد الحرام والمساجد وفي مكّة والمدينة وذلك لحرمة الزّمان، وكذلك فإن الخطايا والذّنوب تكون أعظم من بعض عباد الله لشرفهم ورِفعة منزلتهم وشدّة معرفتهم بالله -سبحانه وتعالى- فكلّما زادت معرفة العبد بربّه زادت عظمة تحريم  الذّنوب عليه، ولكن من الجدير بالذّكر أنّ السيّئات تتضاعف كيفاً وليس كمّاً، فالسيّئة تُكتب سيّئة لكنّها أشد  تحريماً والله ورسوله أعلم.[4]

ماذا يفعل من يصر على الذنب

بعد معرفة هل الذنوب تتضاعف في عشر ذي الحجة أم لا ماذا يفعل من يصر على الذنب في كلّ وقت، فالإصرار على الذّنب هو عدم نيّة التّوبة منه والتّسويف بها، فيؤجّلها العبد لأجلٍ لاحق وهو لا يعلم متى يأتي أجله، فالمصّر على الذّنوب والمعاصي تأنس نفسه هذه الآثام ويخسر من نفسه خشية الله فيرتكب المزيد من المنكرات، فعلى كلّ عبدٍّ مذنب أن يعلم أنّ التّوبة واجبةٌ على كلّ مكلّف ولا يجوز للمسلم أن يُصرّ على  ذنوبه، وهي الحلّ لكلّ مصرٍّ على ذنبه فقد أمر الله بالتّوبة في كتابه العزيز فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ}.

فالتّوبة النّصوح هي التّوبة الصّادقة الجازمة التي لا يعود العبد لذنبه بعدها ويجاهد نفسه على عدم العودة إليه، وقد أخبر الله في الآية الكريمة أنّه بالتّوبة النّصوح تُمحى السّيئات وتُكفّر الذّنوب، ووأعظى البشرى للتّائبين من الذّنوب ووعدهم بفضلٍ منه -سبحانه وتعالى- فالجنّة موعدهم وأنهارٌ جاريةٌ تحتها، فعلى المسلم أن يعقد التّوبة عن كلّ الذّنوب، ويُجمع الصّدق والعزم كلّه على توبته، ويُخلص بها لوجه الله وحده، فالله يغفر الذّنوب جميعاً.

 

هل الحسنات تتضاعف في عشر ذي الحجة

إنّ معرفة هل الذنوب تتضاعف في عشر ذي الحجة يدفع المسلم للتّساؤل حول تضاعف الحسنات في هذه الأيّام المباركات، فقد أقسم الله في العشر من ذي الحجّة في القرآن الكريم وذلك لعظمتها وفضلها، وشهد لها النّبي أنّها من أفضل أيّام الدّنيا وأنّ العمل فيها أحب إلى الله -سبحان وتعالى- من العمل الصّالح في غيرها وذلك فيما رواه عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- حين قال: “ما من أيَّامٍ أعظَمُ عندَ اللهِ ولا أحَبُّ إليه العَمَلُ فيهِنَّ من هذه الأيَّامِ العَشْرِ، فأكْثِروا فيهِنَّ من التَّهْليلِ والتَّكْبيرِ والتَّحْميدِ”.

 وفيها اجتمعت أمّهات العبادة وجُعل فيها يوم عرفة ويوم النّحر وهما أعظم أيّام الدّنيا، والعشر من ذي الحجّة من أفضل أيّام الأشهر الحرم، التي تتضاعف فيها الحسنات، وكلّ فضلها وفضل العمل فيها وحثّ النّبي -صلى الله عليه وسلم- للمسلمين ليُكثروا من العمل الصّالح، ما هو إلا دليلٌ أن الحسنات تتضاعف وتكثُر في العشر من ذي الحجة، فينبغي على المسلم أن يُكثر فيها من الصّلاة والصّيام والذّكر والقيام والعمل الصّالح بمجمله، حتّى لا يفوته الخير منها.

هل الحسنات تمحو السيئات في العشر ذي الحجة

إنّ من واجب المسلم أن يترك المعاصي ويتّجه نحو طاعة الله، فيبتعد عن السيّئات ويأخذ من الحسنات،  وليعلم أنّ الحسنات يُذهبن السّيئات، لقول الله سبحانه وتعالى: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ۚ ذَٰلِكَ ذِكْرَىٰ لِلذَّاكِرِينَ}.[9] وبذلك أخبر النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- بأنّ الحسنة تمحو السّيّئة، لكنّ أهل العلم أخبروا أنّ المقصود في ذلك هو صغائر الذّنوب وليس كبائرها، فكبائر الذّنوب تحتاج للتّوبة النّصوح حتّى يغفرها الله لعباده، وكذلك الحقوق المتعلّقة بالعباد فإنذها لا تُغفر حتّى تُستحلّ من أصحابها، وقيل أنّ الحسنات المقصودة هي الصّلوات الخمس فهي تُكفّر الذّنوب جميعاً مالم تؤت الكبائر، وقيل أنّها قول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، فكلّ عملٍ صالح يأخذ المسلم به الحسنات في العشر من ذي الحجّة يمحو الله بها خطاياه إلا الكبائر، وقد قال بعض أهل العلم أن المعاصي تُبطل الأعمال والسّيئات تدفع الحسنات، فالمسلم العابد لله عليه أن يحرص أن يُكثر من حسناته وأن يبتعد عن السيئات من الأعمال وأن يتوب إلى الله توبةً نصوحاً يغفر الله بها خطاياه جميعاً.

إلى هنا تكون نهاية المقال الذي تمّ فيه الإجابة على سؤالٍ هامٍ في حكمٍ من أحكام العشر من ذي الحجة، وهو هل الذنوب تتضاعف في عشر ذي الحجة فالذّنوب تتضاعف كيفاً لا كمّاً فيها، وقد أجاب المقال عن الحالات التي تتضاعف فيها الذّنوب، وما الحل مع المذنب المصرّ على الذّنوب، وأشار إلى أن الحسنات تتضاعف في عشر ذي الحجّة.

مصدر الخبر: masrmix